متوفر ايضاً باللغات Kurdî & English
ما الجديد؟
في ٤ نيسان ٢٠٢٠ أعلن مجلس سوريا الديمقراطية عن تشكيل "فريق عمل من عائلات المعتقلين والمختطفين ومختصين قانونيين وناشطي مجتمع مدني، للمتابعة والتعاون والتنسيق والتواصل مع كافة الهيئات والمنظمات والمؤسسات المحلية والإقليمية والعالمية والعمل على جمع وتحديد البيانات الخاصة بملف الاعتقال ووضع الخطط اللازمة بما يلبّي تطلُّعات وآمال السوريين في الحقيقة والعدالة والمحاسبة". كما جاء في البيان.
ما أهمية ذلك؟
يشكل ملف المعتقلين واحد من أكبر التحديات التي تواجه أطراف الصراع السوري المحلية والدولية على حد سواء في عملية الانتقال السياسي وبناء السلام المستدام وهو بمثابة اختبار حقيقي لقدرات الأطراف على الاستجابة لمطالب السوريات\السورين، وأيضا يشكل دلالة فعلية على رؤية هذه الاطراف للعدالة التي يسعون الى تحقيقها والتي لن تكون مكتملة الأركان بدون مساءلة عن الانتهاكات التي تم ارتكابها.
ما هي إيجابيات الإعلان؟
يعتبر هذا الإعلان مبادرة إيجابية وخاصة انها صادرة عن أحد الأطراف السياسية الرئيسية على الساحة السورية، ومن شأن تشكيل هذه اللجنة أن يؤسس لإيجاد آلية عمل محلية لمعالجة ملف المعتقلين وآثاره السلبية على المجتمع السوري إذا ما تم وضع استراتيجية وخطة عمل متكاملة ومتماسكة تستجيب لملف المعتقلين كضرورة قصوى لمعالجته وإبعاده عن معترك تسييس.
كما أن توقيت اعلان المبادرة غاية في الأهمية كونه ترافق مع أزمة انتشار كوفيد ١٩ العالمية والتي تتطلب من الجميع وعياً سياسياً كبيراً للتصدي للتحديات التي تواجه عملية الانتقال السياسي.
ما هي سلبيات الإعلان؟
للوهلة الأولى ينتابك شعور بالغرابة عند قراءة بيان إعلان تشكيل لجنة خاصة لمتابعة ملف المعتقلين من شدة حيادية الإعلان فهي لا توحي بانها صادرة عن أحد الأطراف السياسية التي تعتبر الممثل السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، والممثل السياسي للإدارة الذاتية وهيئاتها وبالتالي لديها مسؤولية مباشرة عن ملف المعتقلين.
هذه الحيادية القوية ولدت لدى الكثيرين شكوك حول جديتها ومدى قدرتها على الاستمرار كمبادرة تؤسس لإيجاد حلول حقيقة وقابلة للتطبيق وخاصة بعد قبول الإدارة الذاتية لمبادرة مسد مع ملاحظة قيامها بإنكار وجود أي معتقلي رأي أو معتقلين سياسيين لديها وهو ما ينافي جميع التقارير والتوثيقات التي قامت بها المنظمات المحلية والدولية بشأن الانتهاكات التي طالت العديد من الأطراف السياسية ونشطاء المجتمع المدني والإعلاميين. كما ان الإعلان يترك مجموعة من الأسئلة عالقة بدون إجابات مثل حدود اختصاصاتها وآليات صناعة القرار وتنفيذها.. الخ.
ما الذي ينبغي فعله؟
1. لعل اهم قاعدة يمكن الانطلاق منها لتحقيق العدالة ورد الاعتبار إلى جميع من ارتكبت بحقهم الانتهاكات هو الاعتراف بها أولا، كبداية لفتح الصناديق السوداء من اجل معالجة آثاراها بالغة الأثر على السلم المجتمعي، فبدون الاعتراف بحقيقة وجود انتهاكاتها لن يكون هناك أي فرصة حقيقة من اجل وضع آليات مساءلة بحق الذين ارتكبوا هذا الانتهاكات ومحاسبتهم، فلا يمكن التبجح بامتلاك نهج ديمقراطي مع وجود معتقلي رأي ومعتقلين سياسيين.
2. تجربة الحكم ومؤسساتها في شمال شرق سوريا هي تجربة حديثة المنشئ ومازالت الآليات الديمقراطية فيها ضعيفة وغير ناجعة، كما لا يوجد أي فصل حقيقي في السلطات بين المؤسسات العسكرية والأمنية والخدمية والسياسية، ناهيك على أن جميع هذه المؤسسات لم تصل بعد إلى استيفاء جميع معايير وشروط المؤسسات الحديثة لذلك سيكون موضوع حيادية اللجنة وقدرتها على العمل في الملف بدون تسييسه محل شك كبير ففي الوقت الذي دعا فيه البيان إلى اعتبار ملف المعتقلين ملف إنساني فوق تفاوضي يبدو واضحا أنها ورقة عمل سياسي وهذا ليس تشكيكا بالقائمين أو باللجنة ولكن هذا هو توصيف الحالة.
3. الشمول والتضمين مبدآن مهمان لمعالجة ملف المعتقلين ويبدو واضحاً وخاصة في بيان الإدارة الذاتية عدم توفر الإرادة الجديدة في معالجة قضايا معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين في سجونها لذلك نود التأكيد انه بدون هذين المبدأين ستكون هذه اللجنة أو أية آلية أخرى سواء محلية أو دولية مثل البطة العرجاء.
4. الفريق الذي تم تشكيله لديه تنوع جيد ولكن لوحظ غياب تام لمنظمات المجتمع المدني وخاصة المنظمات الحقوقية والمنظمات النسوية لذلك يجب إعادة النظر بشكل الفريق من حيث التكوين وتوزيع الصلاحيات وعلى الرغم من أن البيان أشار إلى انه سوف يتم التواصل مع المنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية ولكن هنا نتحدث عن صنع القرار ورسم الخطط والاستراتيجيات للاستجابة لهذا الملف الكبير.
5. بالتأكيد ليس كل الجمهور لديه المعلومات الكافية وخاصة أولئك الغير منخرطين بالشأن العام وهم الغالبية العظمى من السورين لذلك يجب توفير كافة المعلومات حول أعضاء اللجنة. أخيراً تشكل هذه الخطوة تحدياً كبيراً لمجلس سوريا الديمقراطية والسلطات والأطراف الأخرى من قوى سياسية أو منظمات مجتمع مدني للمضي قدما فيها رغم إيجابيتها، كما نؤكد على أهمية التفاعل والتجاوب مع المبادرات الأممية لإيجاد حلول جذرية لملف المعتقلين، ولكن نود ان نحث مجلس سوريا الديمقراطية في نفس الوقت على الالتفات والتفاعل مع المبادرات المحلية، كما نود أن نشجع جميع الأطراف الأخرى كي تحذو حذو مسد والعمل معاً لمعالجة ملف المعتقلين.
Comments